
حياتنا عبارة عن تحديات، اهداف، مشاريع. وبغض النظر عن النتيجة النهائية المرجوة فسلوكنا العقلي إما ان يساعدنا على الوصول او ان يبقى عائقاً لنا. وأحد أكثر طرق التفكير سلبية التي يمكن للمرء تبنيها هي عقلية الضحية.

عقلية الضحية هي احدى طرق التفكير السلبية والمتشائمة للغاية. من خلالها يحاول المرء إلقاء اللوم على الأشخاص او الظروف في أي تعاسة او مكروه او فشل قد يواجهه. ببساطة يكون صاحب هذه العقلية مستعداً لتوجيه أصابع الاتهام دون أي تردد. وعند الوقوع في شرك هذه العقلية ينصب تركيز الانسان على مدى ضعفه متجاهلاً كل نقاط القوة التي يمتلكها.

تتجلى عقلية الضحية في مجموعة من السلوكيات أو طرق التفكير والتحدث المختلفة
- لوم الآخرين على موقف تسبب فيه الشخص لنفسه أو ساهم فيه بدرجة كبيرة
- العجز عن أو عدم الرغبة في تحمل مسؤولية تصرفات الشخص الذاتية أو التصرفات التي ساهم فيها.
- نسبة نوايا سلبية غير موجودة للأشخاص الآخرين (ما يشبه البارانويا).
- الاعتقاد أن الأشخاص الآخرين أكثر حظًا وسعادة بوجه عام أو بشكل أساسي («لماذا أنا بالذات؟»).
- الحصول على سعادة قصيرة الأجل من الشعور بالأسف من أجل نفسه أو استثارة الشفقة من الآخرين.
- استثارة التعاطف من خلال سرد قصص مبالغ فيها. حول التصرفات السيئة التي قام بها الأشخاص الآخرون (على سبيل المثال خلال النميمة).
وقد يخوض الأشخاص ذوو عقلية الضحية في مناقشات مقنعة ومعقدة لدعم هذه الأفكار. والتي يستخدمونها بعد ذلك لإقناع أنفسهم والآخرين بحالة الضحية التي هم فيها.
يكون الأشخاص الذين لديهم عقلية الضحية سلبيين بوجه عام
- مع ميل عام إلى التركيز على الجوانب السيئة وليس الجيدة في أي موقف. فهم ينظرون إلى الكأس نصف الممتلئ باعتباره نصف فارغ. فالشخص الذي يعيش مستوى حياة مرتفعًا يشكو من عدم توفر المال الكافي لديه. والشخص موفور الصحة يشكو من مشكلات صحية طفيفة يتجاهلها الآخرون (قارن وسواس المرض).
- متقوقع على نفسه. غير قادر أو متردد في التفكير في أي موقف من وجهة نظر الأشخاص الآخرين. أو «التفكير بمنطقهم قبل توجيه النقد إليهم».
- دفاعي. أثناء المحادثة، يقرأ نية سلبية غير موجودة في أي سؤال محايد ويرد باتهام مناسب. مما يحول دون الحل الجماعي للمشكلات ويتسبب بدلاً من ذلك في حدوث خلاف غير ضروري.
- التصنيف. الميل إلى تقسيم الأشخاص إلى «طيبون» و«أشرار» دون منطقة رمادية بينهما.
- غير مغامر. في العادة غير مستعد لتحمل المخاطر، ويبالغ في أهمية النتائج السلبية المحتملة أو احتمالية حدوثها.
- إظهار العجز المكتسب: التقليل من قدرة المرء أو تأثيره في موقف معين، الشعور بالعجز.
- عنيد. يميل إلى رفض الاقتراحات أو النقد البناء من الآخرين الذين يستمعون إليه ويهتمون به.غير قادر أو متردد في تنفيذ اقتراحات الآخرين لمصلحته الشخصية.
- يحتقر ذاته: يقلل من قيمة ذاته أكثر مما يتصور أن الآخرين يقومون به.
قد تنعكس عقلية الضحية بواسطة علامات لغوية أو عادات، مثل التظاهر بما يلي
- العجز على القيام بشيء ما («لا أستطيع…»)،
- عدم توفر اختيارات («يجب أن…»)، أو
- عدم معرفة إجابة سؤال ما («لا أعرف»).

قد تتضمن المشكلات الشائعة التي يعاني منها الأشخاص ذوو عقلية الضحية ما يلي:
- البطالة أو عدم الرضا عن الوظيفة الحالية. العديد من الأشخاص يكونون فعليًا ضحايا لنظام اجتماعي اقتصادي أو خلفية تعليمية سيئة. إن الأشخاص ذوي عقلية الضحية ليسوا ضحايا بالمعنى الحقيقي. بل ربما تكون لديهم خلفية ومهارات جيدة ولكن تفوتهم الفرص بسبب خوف مبالغ فيه من تحمل المخاطر أو التعامل مع شيء جديد.
- البدانة أو عدم الرضا عن وزن الجسم الحالي. من الصحيح أن بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بزيادة الوزن لأسباب وراثية. ولكن من الصحيح أيضًا أن الأسباب البيئية (مثل عادات الطفولة) تكون بوجه عام أسبابًا أكثر أهمية للإصابة بالبدانة مقارنةً بالعوامل المتأصلة المحتملة. ووفقًا لعلم الفيزياء الأساسي، فإن أي شخص ذي وزن زائد يمكنه الوصول إلى وزن أكثر ملاءمة من خلال إجراء تعديلات صغيرة دائمة على العادات اليومية التي تتعلق بالتمارين الرياضية والنظام الغذائي. ومن العوائق الشائعة لهذه التغيرات عقلية الضحية، والتي قد تتضمن الأفكار المضللة أو المبالغ فيها حول الأساس الوراثي للبدانة.
نظرة ضيقة للغاية تملؤها التصورات المتشائمة
يعاني هؤلاء المنخرطون في عقلية الضحية من نظرة ضيقة للغاية تملؤها التصورات المتشائمة، مع اعتقادهم ان كل ما يحدث في الحياة هو نتيجة عوامل خارجية واجنبية، ولا يضعون في الاعتبار تصرفاتهم وما ينتج عنها، حيث ان الضحية بريئة ولا يقع على عاتقها أي لوم، فلا شيء خطؤهم وغالباً ما يستمتع من يلعب هذا الدور بالتعاطف والاهتمام والمصادقة التي يحصل عليها.

لا أحد مستبعد من لعب هذا الدور
من المستحيل ان تجد شخصاً قد ولد بهذه العقلية، وبالمقابل فلا أحد مستبعد من لعب هذا الدور، من كبار في السن الى اباء وامهات ومراهقين جميعهم اختاروا العيش في هذا العالم الانهزامي، في الواقع، تفيد الدراسات ان كل شخص على قيد الحياة تقريباً قام بلعب دور الضحية لأكثر من مرة في حياته، ودائماً ما يود من يلعب دور الضحية ان يكون مستعداً عقلياً للأسوء فيتنامى لديه سلوك التخريب الذاتي، فحتى والأمور تسير على ما يرام يصبح السلوك التخريبي لديه أكثر قوة، فهو على قناعة بإن الكارثة قاب قوسين او أدنى وهي قادمة لا محالة.

اذن ما هي أفضل الطرق للتحرر من هذه العقلية المتشائمة والانهزامية والتي يتم غالباً تطويرها وتبنيها منذ الطفولة؟
كل شيء يبدأ في المنزل مع تصوراتك وكيف ترى نفسك، هل تعتبر نفسك ناج أم ضحية؟
الناجون يعتنقون الحياة ينسابون ويتدفقون معها، فهم يعيشون الحاضر ويسيطرون على حياتهم الى درجة لا بأس بها، مع ادراكهم المطلق انهم مسؤولون هم وحدهم عما يحدث وسيحدث، فتحمل المسؤولية لا مفر منه وهو أحد الوسائل الأساسية للقدرة على تغيير الحياة نحو الأفضل، اما الضحايا على الجانب الاخر فهم دائما ما تراهم غارقون في الشفقة على أنفسهم، يجادلون الحياة ويدفعونها بكل قوتهم الى الوراء، يعيشون في الماضي، متخذين العجز كمفتاح سري لتجنب المسؤولية، دون احراز أي تقدم لان تخيلاتهم تخبرهم انهم ضعفاء بلا قيمة.
تكلفة عقلية الضحية باهظة
تبقى تكلفة عقلية الضحية باهظة، فهي تؤثر سلباً على كل مجال من مجالات الحياة، المهنية او الشخصية، ولكن أولئك الذين يرون الفشل في أنفسهم ربما لا يدركون ان الفشل لا يأتي إلا لمن يستسلم.
الاعتراف بإننا نمتلكها، فلا يمكننا تغيير ما لا نملكه
ان كنا نريد حقاً ان نتخلص من عقلية الضحية، فيجب علينا اولاً الاعتراف بإننا نمتلكها، فلا يمكننا تغيير ما لا نملكه وبالتالي يجب ان نغير موقفنا ونعلم ان التغيير يبداً من أنفسنا وان نتخذ خطوات فعلية مهما كانت صغيرة او غير مهمة فهي تهدف للوصول الى ما نسعى الى تحقيقه، والاهم من ذلك كله، يجب علينا ان نعزز انفسنا باستمرار بعبارات تحفيزية ، كأنا استطيع وسأفعلها ووضع حد للعبارات والمعتقدات التشاؤمية.

قضاء بعض الوقت في التفكير بالاشياء التي تجعلنا سعداء
مما لا شك فيه اننا نحتاج يومياً الى قضاء بعض الوقت في التفكير بالاشياء التي تجعلنا سعداء والتي تمدنا بالطاقة الإيجابية، وان نركز في الأشياء التي تسير على ما يرام والتي نمتلكها. يساعدنا تركيز اذهاننا وطاقتنا على مواجهة عقلية الضحية والطاقة السلبية الكامنة في داخلنا
أنت نفسك ، مثل أي شخص آخر في الكون بأسره ، تستحق حبك وعاطفتك – بوذا
ينبغي علينا ان نكرم انفسنا بذات القدر من الاحترام الذي نحاول ان نمنحه للآخرين
ختاماً، ينبغي علينا ان نكرم انفسنا بذات القدر من الاحترام الذي نحاول ان نمنحه للآخرين، عندها ستتحول عقولنا وافعالنا ومسار حياتنا الى مسار اكثر اشراقاً وثباتاً، إضافة الى تقبل حقيقة اننا لا نستطيع التحكم في تصرفات الاخرين او كل ما يظهر في حياتنا، لكن ما يمكننا فعله هو التحكم بكيفية تعاملنا معهم، لا يجب ان نكون ضحايا فما نكون عليه هو خيارنا نحن، أي كان ما سيحدث او يقف في طريقنا يجب النظر اليه على انه تحد وليس ذريعة ومبرر.